هل أنت منتظر ؟؟
---------------------
أنا لا أنتظرك !
فكل ما افعله في غيابك هو نسيانك
و التمادي في تجاهل يومك الذي ستظهر فيه
ما شأني و شأنك ؟
فأنا قرون من الذلة و العبودية و الاضطهاد الذي احترفته
و صار رغيفا يوميا أتعايش به
فالظلم صنع لي قضية !
أنجب مني جبناء لا يعرفون الحرية
و أوصاني بالصراخ و البكاء أمام الشاشات العربية
فأنا ما دمت حيا
سأظل ضجيجا غوغائي الأبجدية
ينشرون يومياتي في الأخبار و و الأفلام الوثائقية
حتى تصير قضيتي مثار جدل و تهكم و سخرية
أنا لا أنتظرك
بل أنتظر الحلول من (القماقم) العربية !
و من( البيت الأسود) و (مجلس العجائز) !
فهم أدرى منك بالسياسة و فنون التفاوض على المذابح و الجنائز
ما شأنك و شأني أيها المتمادي في غيابك ؟
فأنا لا أنتظرك
فكل أيامي المعدودة لا تكفي لانتظار موعد التقاعد !
فكيف بانتظارك أيها القائم ؟!
فرغيف الخبز
و أسعار الأرز المرتفعة
و فاتورة هاتفي المحمول
و جبين طفلتي المحموم
و شهادة ابني الجامعية في درج سيارته التاكسي
و الشرطي الواقف في الشارع كل يوم للتفتيش عن إرهابي مجهول !
و عن سائق مخبول لم يجدد استمارته
و الجو الخانق الذي يُحرّم التوفير في استهلاك الكهرباء
و الفاتورة التي تعاقبنا كلما أسرفنا في التقاط أنفاس باردة في بلد صحراوي رطب و حارق
و ميزانية بلدي التي تتناسل كل عام لتنجب المزيد من الفقراء و اللصوص
و إيجار مسكني الباهض
و حلمي المشبوه في امتلاك بيت يحمي أسرتي من الشتات
و ولدي الذي صفعته حين تبرم من لعن معاوية بحجة لا تسبوا الصحابة !
و أكثر من هذا و أكثر ...
قضايا لا يتسع لها عمري المحدود
فكيف تريد لانتظارك أن يزاحمها ؟
اعذرني أيها الغائب
فكل من ينتظرونك لا يختلفون كثيرا عمن انتظروا جدك الحسين ع في الكوفة
فهو انتظار قلوب باردة تنبض برتابة و بلا معنى
لا انتظار عقول نابضة بالتهيئ لنصرتك
أين أنا من نصرتك ؟
و قد جف في ّ نهر الكرامة
و نضبت في سمائي نجوم الحقيقة
بت أتغنى بالأكاذيب و أحفظها
و أعلم أجيالي كل الحماقات التي أرادوا لنا أن نصدقها في المناهج المدرسية
و أخيرا صادقنا الباطل و ارتأينا أن نمارس التقية في زمن البعوض لا الجبابرة !
فقد أُرضعنا لبنا انتهت صلاحيته
و تشربنا حنانا من أمهات ٍ أحرار
و نحن لا نحتاج سوى إلى مزيد من الكاكاو لنصبغ بياضنا المزيف
لنحصل على لون العبيد الذي يلاؤمنا
أتعلم أيها الغائب ؟
أنا لا أجرؤ على انتظارك !
فلانتظارك عطش رمضاني في رمضاء القهر
و بلسم تخديري في زمن الجراح المميتة
و خيبات متكررة عند أفول يوم ٍ هو غير يومك البعيد
أنا لا أقوى على انتظارك يا سيدي
فنظري يضعف كلما أطلت النظر في شمسك المكسوفة بغفلتنا
و نفسيتي تتعب كلما أطلت الصمت باحثة ً عن صوتك
و قلبي يقسو كلما اشتدت قسوة غيابك
أنا لا أنتظرك يا سيدي يا صاحب العصر و الزمان
فأيوب الصبر الذي ورثته من أجدادي
بات يئن من صبري
و سياط الظالمين التي تنهال على جسدي بكل برود
ملت و كلت من صمتي
و انتظاري المزمن لظهورك بات مثار سخرية لأعدائي
فانتظاري الطويل غامض كسفينة بناها نوح في صحراء يابسة
فأين طوفانك يا سيدي ؟
أين طوفانك ليخلع عن سفينة انتظاري رداء الجنون
أين نورك الذي تستضيء به العيون
أين سيفك المسلط على الطغاة و المَرَدة و أسياد السجون
متى سأراك تملأ الأرض قسطا و عدلا كما مُلئت ظلما و جورا ؟
متى يا سيدي ؟
منقول